Modawenon

الانتخابات التشريعية بين الاستثمار والاستحمار

رفع الصور
رفع الصور
الانتخابات التشريعية بين الاستثمار والاستحمار
بقلم : لا يحب الظهور
تعرف السياسة بأنها: فن الممكن، ويأتي تعريفها في الموسوعة السياسية بأنها الدراسة المنهجية والعلمية لأوجه الحكم عن طريق تطبيق الأساليب العلمية.
هذا فيما يخص التعاريف الفلسفية والعلمية، أما تعريفها في وطننا فقد أخد منحى آخر، فالواقع يؤكد أن تلك التعاريف الفلسفية والعلمية لا تمت لما يسمى عندنا بالسياسة بصلة، فالسياسة في وطننا يمكن تعريفها أولا بأنها استثمار وتجارة مربحة ولا علاقة لها لا بفن الممكن ولا الدارسة المنهجية والعلمية لأوجه الحكم، والدليل على ما نقول واضح وموجود في الواقع الذي نعيشه كل يوم ونشاهد أحداثه بأعيننا.
نلاحظ هذه الأيام وبقرب الانتخابات التشريعية استعداد أشخاص أغلبهم تجار لتخصيص مبالغ مالية ضخمة للحملات الانتخابية من أجل تهييج حماسة السماسرة وشراء أصوات الناخبين، تصل هذه المبالغ أرقاما ضخمة يعجز العقل أحيانا عن تصديقها، ففي غالب الأحيان يتجاوز المبلغ المخصص مليار سنتيم وقد يصل إلى مليارين أو أكثر، فهل يمكن أن تكون التضحية بهذه المبالغ سببها حب الوطن والرغبة في المساهمة في المشاركة في تسيير شؤونه؟ بالطبع سيكون الجواب بالنفي، لأن أغلب المترشحين المستثمرين يتوفرون مستوى تعليمي متدني إن لم يكن منعدما، وهذا ما يستبعد توفرهم على مبادئ نضالية أو قناعات أخلاقية تحثهم على التضحية في سبيل الوطن. فما هو هدفهم الحقيقي؟
هل يمكن أن يكون غرضهم الحصول على التعويض الذي يأخذه النائب البرلماني مثلا؟.
بالطبع سيكون الجواب بالنفي، فحصة التعويض لولاية كاملة والتي تصل إلى ما يقارب 180 مليون سنتيم لا تكفي المرشح حتى لشراء تزكية حزب حاضر بقوة في الإقليم.
إذن ما هو الهدف الحقيقي للمرشح من المغامرة بكل تلك المبالغ؟.
إن الهدف الحقيقي هو أن يحصل المرشح على حصانة تمكنه من عدم المساءلة لمدة خمس سنوات، وهذا يوفر له الوقت اللازم لقضاء مآرب يعجز عن قضاءها شخص عادي، كما أن دخوله للمعترك السياسي يؤهله للاستفادة من صفقات مشاريع عمومية والتي يتقاسمها السياسيون فيما بينهم، وتوفر للمستثمر ربحا وافرا دون عناء ولا تعب. بالإضافة إلى تمكن السياسي التاجر التحكم في التراخيص وبيعها أو الاستفادة منها دون وجه حق.
عموما يمكن القول بأن هدف السياسي المستثمر هو الوصول للمال لينهبه ويسترجع ما خسره أضعافا مضاعفة.
إن السياسة بهذا المعنى تكون استثمارا ماديا مربحا، والدولة تساهم في هذا الوضع بالحصانة التي تمنحها للبرلماني وبعدم الصرامة في معاقبة المفسدين وناهبي المال العام، وبالتالي وتوفر للسياسي سلطة مطلقة على مستوى المتاجرة بالصالح العام، مقابل سكوته وعدم اعتراضه على القرارات التي تمس المواطن في حقوقه وحرياته.

وهكذا تكون السياسة استثمارا ومتاجرة بمستقبل المواطن والوطن، وهذا الاستثمار يعتمد على أمية الناخبين وجهلهم، حيث يشتري منهم السياسي الخبيث وطنهم ومستقبلهم ومستقبل أبناءهم مقابل ثمن بخس دراهم معدودة، وهو بهذا يعاملهم كالحمير يساقون إلى البؤس والذل ويحملون عارهم على ظهورهم ورؤوسهم مطأطئة.

ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق