Modawenon

التويزة" و"الوزيعة" بقلم الاستاذ هشام الراجي محام بهيئة المحامين بسطات

رفع الصور
رفع الصور
"التويزة" و"الوزيعة" بقلم الاستاذ هشام الراجي محام بهيئة المحامين بسطات

  عبر التاريخ لم يكن كل شيء مظلما أيام الاوبئة والجوائح والمجاعات، فلقد كان هناك دائما بعض  الجوانب المشرقة أبرزها التضامن الاجتماعي الذي كان يسود بين المغاربة 
 وإذا كان  الكل يشهد بتضامن المغاربة ملكا وحكومة وشعبا  بشكل موحد في مجالات عدة  في زمن الكورونا من اجل القضاء على ذلك  الفيروس القاتل اللعين ، فان ذلك التضامن عرفه المغاربة خاصة الميسورين والفقراء في الأوقات العصيبة منذ القدم في أيام  الاوبئة والجوائح والمجاعات التي عرفها المغرب  ومن أوجه ذلك التضامن تلك المساعدات التي كانت تقدم للفقراء بوسائل مختلفة مثل "التويزة" و"الوزيعة" وغيرها من مظاهر التكافل الاجتماعية التي مكنت الأسرة الفلاحية الصغيرة من  البقاء على قيد الحياة وقت الشدة.   
 التويزة : هي عملية تضامنية تقوم على مبدأ التعاون بين أفراد المجتمع الواحد، في إطار تجسيد روح التكافل والعمل الجماعي الذي يقضي على الفرقة، أين يقوم أفراد الحي أو القرية بإعانة صاحب الحاجة دون أن يطلب منهم أو يدعوهم لذلك، لأن المنطلق الذي يعملون به هو مبدأ المساعدة الذي لا يحتاج إلى دعوة مسبقة، كما أن المستفيد من هاته العملية التضامنية لا يلزم بأداء أي أجر أو مقابل كما أنها نشاط اجتماعي ومظهر من مظاهر التعاون والتآزر بين أبناء الوطن الواحد. 
   ومع مرور الوقت أصبحت التويزة مظهرا اجتماعيا راسخا بين السكان، ومسّت نشاطات أخرى لا تقل أهمية عن أعمال الفلاحة، مثلا بنــاء منزل أو مســجد، إقامة الأعراس وحفلات الختان، وحياكة الزرابي و مساعــــدة الفقراء وكــفالة الأيتام وتكون حاضرة أيضا أثناء حــدوث المصائب والكوارث الطبيعــــية،وفي المآتم، وشهــر الصيام ومواسم الأعياد والمناسبات الدينية.
  التويزة لها فوائد لا تعـــدّ ولا تُحصى  فهي  مبدأ من مبــــادئ ديننا الحنيف وبالتالي تُعتبر بابا للحصول على الأجر والبركة والثواب كما أنها توحّد الشعور بين أفراد المجتمع، وتقوي صلة الناس ببعضهم البعض و تقضي على مظاهر الفقر والحاجة لدى عند الفقراء وتدخل السرور في قلوب جميع الناس، فضلا على أنها تساعد على مجابهة وتخطّي المحن والبلايا والأوبئة وتربي الفرد على خدمة الجماعة والتضحية من أجلها وتدفع الجماعة بدورها لتحمّل مسؤوليتها تجاه الفرد.
 وأبرز تجلي لعملية التويزة  عرفه المـــغرب والمغاربة مؤخرا  يمكن الاستشهاد بواقعة محاصرة الثلـــوج  لدواوير بكاملها بمرتفعات الأطلس شتاء السنتين الأخيرتين حيث تدخّل المتطوعون عن طريق عمل تويزة لإزاحة الثلوج وفك الحصار عن السكان ونقل المرضى وإسعاف المنكوبين.

 الوزيعة: أو"تمشرط" بالأمازيغية هي تقليد اجتماعي متجذر في القدم  سبق وصول الإسلام إلى شمال أفريقيا  والى المغرب.
وتقام الوزيعة في القرى والبوادي خصوصا، حيث يجمع أهالي القرية الأموال لشراء العجول وذبحها، ثم يوزعونها على كل السكان بلا تمييز بين فقير وغني، بهدف إشاعة الفرح وتعميق قيم التكافل والتعاون.
ورغم أن عادة الوزيعة أقدم من دخول الإسلام لشمال أفريقيا فقد ارتبطت بالمناسبات الدينية ولاسيما في شهر رمضان المبارك حيث تكثر مظاهر التآلف والتعاون وعمل الخيرات.
 وبعد الانتهاء من عملية توزيع اللحم، يقوم أهل القرية بقراءة الفاتحة والدعاء لإصلاح المنطقة وسكانها، وجعلهم يد واحدة في السراء والضراء.
                                                                                     يتبع

ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق