Modawenon

عَامْ العَزْلَة بقلم هشام الراجي محامي بهيئة المحامين بسطات

رفع الصور
رفع الصور
عَامْ العَزْلَة
برشيد الغد تيفي : بقلم هشام الراجي محامي بهيئة المحامين بسطات

  الوباء هو مرض معدي يظهر في دولة أو مجموعة دول صغيرة متجاورة بمعنى في منطقة محددة،اما الجائحة فهي مرض معدي   يظهر في أغلبية  دول العالم أي في اماكن غير محددة وفي نفس الوقت بشكل  يصعب معه  السيطرة على تلك الجائحة.  

    وكلاهما  "الوباء او الجائحة" ينتشران بسرعة بين الناس ويطلقان على الامراض العدية فقط  فعلى سبيل المثال لا تعتبر امراض القلب او السكر وباء او جائحة
 وتاريخ المغرب مليء بكثرة الأوبئة والجوائح التي فتكت بآلاف المغاربة حيث أثّرت خلال الحقب الماضية بشكل كبير على البنية الديمغرافية للسكّان، وخلّفت رواسب نفسية في الذهنية الجماعية للمغاربة مازالت حاضرة داخل المجتمع إلى حد الساعة، وهو أمر تم استحضاره بشدة بمناسبة الجائحة الآنية التي يعرفها المغرب خلال هاته الايام انها  فيروس "كورونا" المستجدّ.

 ومن تلك الاوبئة أو الجوائح نذكر على سيبل المثال حمى التيفوئيد وبوكليب ، والطاعون والجدري والسل والحصبة، وأخيرا المجاعة الشديدة التي عرفها المغرب في سنوات مختلفة وفرضت على المغاربة أكل الجراد وبعض النباتات البرية لتعويض النقص الحاد في المنتجات الغذائية.

  ان فرض حالة الطوارئ الصحية كخيار اول وأخير لمحاربة انتشار فيروس كورونا والقضاء عليه ليس امرا جديدا بالنسبة للمغاربة كما أن معالجة مرضى هذا الفيروس القاتل في امكنة محددة ليس امرا جديدا كذلك.

  ففي بداية القرن الماضي انتشر بالمغرب مرض خطير وصلت خطورته من حيث التصنيف الى درجة الوباء اذ فتك بالعديد من المغاربة وفي تلك الحقبة تم فرض حالة الطوارئ الصحية ايمانا منهم بأن الوقاية خير من العلاج، اما من أصيبوا بعدوى ذلك الوباء وخاصة في البادية  فكانت تتم معالجتهم بشكل فرضته تلك الظرفية لكنه يبقى مثيرا للاستغراب  فكيف كان يتم ذلك ؟. 

  يحكي أجدادنا وآباؤنا شهود ذلك العصر بأنه في البوادي التابعة لمدينة برشيد كان يتم نصب خيام طبية لشكل متمركز في العديد من الدواوير والقرى وكانت السلطة تقوم بتجميع  المرضى في تلك الخيام، فالسلطة كانت السلطة تحرص على عزلهم عن اهليهم وأسرهم تحت حراسة مشددة ولا تسمح للأهل بزيارتهم كل ذلك من أجل  ضمان  عدم انتشار الوباء عن طريق العدوى .

 وكانت تتم معالجة هؤلاء المرضى في تلك الخيام ففي كل صباح كان الطبيب وهو فرنسي الجنسية واسمه لامار "هكذا كانوا صحاب لعروبية ينطقون اسمه "يتفقد رفقة مساعده "الفرملي" المرضى من أجل اعطاء الادوية  ومعرفة مدى استجابة كل مريض للعلاج من عدمه .

  وقد كان لا يسمح للمريض بأن يغادر الخيمة الطبية الا في حالة شفائه بالمرة فمن شفي كان يغادر ومن مات بذلك الوباء كانت السلطة تتكلف بدفنه دون حضور أهله منعا لانتشار المرض. 

 وقد عرف ذلك العام بعام العَزْلَة (بفتح العين وتسكين الزي ) اذ صار ذلك العام منطلقا للتأريخ لدى المغاربة على غرار عام البون وعام الكوليرا  وعام يرني وهي نبتة مرة المذاق  فصاروا يقولون فلان ازداد عام العزلة او تزوج عام العزلة . 
                                                                   يتبع

ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق