Modawenon

بقلم : سفيان متوكل / التغيير

رفع الصور
رفع الصور
بقلم : سفيان متوكل / التغيير 
برشيد الغد / متابعة
أعلم أني في رحلة ولا أعلم أين الوجهة؟ أتخبط في متاهات الضلال ، أعيش في الظلام الحالك، علاقتي وطيدة مع اليأس والقنوط التي استولت على قلبي و استحوذت على حياتي .. أغوص وسط دوامة الأسئلة المحيرة .. هل يمكن أن أكتشف الطريق الخافي؟ هل أفلت شمس الحياة؟ هل يمكن ان تشرق من جديد؟ !! وفجأة سألتني من أنا؟ نعم من أنا وماذا أفعل هنا؟ لقد كان هذا السؤال بمثابة إنارة شمعة على الطريق المأمول.. أنا إنسان نعم أنا إنسان خلقني الله سبحانه وتعالى و لعظمتي عنده سبحانه فقبل أن يخلقني خلق السماوات والأرض والكون بأكمله لا لشيء إلا لأستطيع أن أتعايش معهم و أجعلهم يخضعون لرغباتي ويحققونها .. أنا إنسان له قيمة في الحياة بل الحياة خلقت لأجلي أنا .. لكن ليس كل إنسان يعي هذه الحقيقة . فلماذا نضيع في متاهات الحياة و هي خلقت لنا؟ لماذا لا نعرف التعامل معها ؟.
لماذا نتخبط في ظلام اليأس و الإحباط ؟ 
قوله تعالى : لقد خلقنا الإنسان في أحسن تقويم .. في أحسن خلقة و في (أحسن تقويم) فطرة وقصدا لأنه لا يوجد أحد من المخلوقات أحسن من بني آدم خلقة، فالمخلوقات الأرضية كلها دون بني آدم في الخلقة ( ثم رددناه أسفل سافلين) و كما قلنا إن أحسن تقويم تشمل حتى الفطرة التي جبل الله الخلق عليها ، و العبادة التي تترتب و تنبني على هذه الفطرة فإن هذا إشارة إلى أن من الناس من تعود به حاله إلى أن يكون أسفل سافلين بعد أن كان في الأعلى و القمة من الإيمان و العلم ، و الآية تشمل المعنيين جميعاً ثم قال تعالى (إلاّ الذين آمنوا و عملوا الصالحات فلهم أجر غير ممنون ) هذا الاستثناء من قوله سبحانه وتعالى ( ثم رددناه أسفل سافلين) يعني إلاّ المؤمنين الذين آمنوا و عملوا الصالحات فإنهم لا يردون إلا أسفل السافلين لأنهم متمسكين بإيمانهم و أعمالهم ، فيبقون عليها إلى أن يموتوا و قوله ( فلهم أجر) أي ثواب (غير ممنون) غير مقطوع ، و لا ممنون به أيضا .. إذن فالمطلوب بكل بساطة أن نرجع إلى الأصل ، أن نسأل ذواتنا لماذا خلقنا الله سبحانه وتعالى .. هل يمكن لرب العالمين أن يكلفنا بشيء لا نستطيع تلبيته لا و ألف لا فسبحانه لا يكلف نفسا إلاّ وسعها وكل ميسر لما خلق له .. و ما دام قد كلفك بالخلافة في الأرض فهو يعلم يقيناً أنك تستطيع ذلك فما عليك إلا أن تبحث عن السر الإلاهي الذي أودعه فيك و ميزك به عن باقي المخلوقات ، فلعدل الله و رحمته وضع داخلك كنز لو استطعت أن تكشفه و أنت مرغم على أن تكتشفه فمن حق نفسك عليك و من حقك على نفسك إيجاد هذا الكنز ، بكل الوسائل المتاحة لك لتستطيع أن تعيش في جنة الدنيا قبل جنة الآخرة ... كلنا نطمح للتغيير إلى الأحسن جهلاً منا أننا غيرنا طريقنا المستقيم الذي ارتضاه لنا ربنا سبحانه وتعالى .. فمن الواجب علينا أن نبحث عن ذواتنا و نحققها بالرجوع إلى الأصل و العودة إلى الفطرة السليمة التي فطرنا عليها الله سبحانه وتعالى كما جاء على لسان رسوله الكريم صلى الله عليه وسلم ( ما من مولود إلا يولد على الفطرة فأبواه يهودانه أو ينصرانه أو يمجسانه).
فالتغيير الذي يقع هنا لفطرتنا السليمة بسبب الوالدين و المحيط و البيئة التي نعيش فيها هو تغيير مذموم يبتعد بنا كل البعد عن الغاية التي خلقنا الله لأجلها و عن الصراط المستقيم الذي يقودنا للنجاح في الدنيا والآخرة ° و ليس التغيير هو اتباع الصراط المستقيم لأن هذا هو الأصل فالعودة إلى الفطرة السليمة و معرفة الذات سيمنحنا الإتصال الروحي برب السماوات و الأرض و يبعث في ذواتنا السكينة والطمأنينة و الرضا كما بين سبحانه في كتابه الكريم .. فقوله تعالى( إن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم) المقصود منها أن الإنسان إذا استقام على طاعة الله فإن الله تعالى يزيده من نعمه لقوله تعالى: (لئن شكرتم لأزيدنكم)، فأما إذا انحرف عن طاعة الله سبحانه وتعالى فإن الله تعالى يقول: (ولئن كفرتم إن عذابي لشديد) ويقول سبحانه وتعالى: (فلما زاغوا أزاغ الله قلوبهم والله لا يهدي القوم الفاسقين).
فما دام الإنسان على طاعة الله، قائماً بأمره، مجتنباً لنهيه فليبشر بالخير وبكثرة النعم وبتحقيق قول الله تعالى: (من عمل صالحاً من ذكر أو أنثى وهو مؤمن فلنحيينه حياة طيبة ولنجزينهم أجرهم بأحسن ما كانوا يعملون). فأما إذا غير ما بنفسه من الإنابة إلى الله والإقبال عليه وبارز الله تعالى بالعصيان بفعل المحظورات وترك المأمورات فإن الله تعالى يغير عليهم هذه النعمة. و أخيراً نجد ان قول رسول الله صلى الله عليه وسلم لخص كل شيء لمن يسعى إلى حياة متوازنة في جميع الجوانب لقوله صلى الله عليه وسلم ( إن الدنيا حلوة خضرة فمن أخذها بحقها بورك له فيها) يوضح لنا بأن الحياة تحتاج إلى علم يبين لنا كيفية التعامل معها و مع متطلباتها بما يرضي الله تعالى و خير دليل على ذلك أمره سبحانه ( فاسألوا أهل الذكر إن كنتم لا تعلمون) فالحمد لله الذي يسر العلم لمن يطلبه .. فهناك العديد من العلماء المتميزين في مجالاتهم على كثرتها سيمنحون لك المعلومة جاهزة بعدما بحثوا و جاهدوا كثيرا للوصول إليها.

ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق